حتى تتبين أهمية و
مميزات شرح التاج السبكي (( للمنهاج )) لا بدَّ من بيان أوجه الاتفاق و الاختلاف بين (( شرح التاج السبكي
)) و شروح غيره (( للمنهاج )) ، و قد اخترتُ لعقد هذه المقارنة شرح الجزري ((
للمنهاج )) المسمى بـ (( معراج المنهاج )) ، و من خلال النظر في الشرحين تبيَّن لي
بعض الفوارق بين هذين الشرحين ، و من هذه الفوراق :
1- الجزري لم يخرج في شرحه عن عبارات الإمام الرازي حيث
كانت هذه العبارات مُوْفيةً بالغرض إلا نادراً ، بخلاف التاج السبكي فمع اعتماده
على عبارات الرازي ؛ إلا أنّه كثيراً ما كان يخرجُ عنها و يأتي بغيرها ، بل و كان
يناقش الرازي في كثير من العبارات.
2- الجزري اقتصر في شرحه على شرح عبارة (( المنهاج )) ،
بأسلوب واضح سَلِس غير متكلف فيه ، و لا
يَحيدُ عن الشرح إلا نادراً ، بخلاف التاج السبكي فقد امتاز شرحه بالإسهاب و
التطويل و ذِكْر كثير من المسائل و الفروع المتمِّمة لشرح المسألة .
3- الجزري أَعْرَضَ عن شرح بعض عبارات (( المنهاج )) التي
رأى أنّها واضحة لا تحتاج إلى بيان ، بخلاف التاج السبكي فقد شرح كلّ ما ورد في
المتن مع بعض زيادات أخرى عليه .
4- الجزري لم يتعرّض لذِكر الآراء و الأقوال الأخرى في
المسائل المطروحة بخلاف التاج السبكي فقد كان يستوعب الأقوال و الآراء في كثير من
المسائل .
5- الجزري لا يتعرّض لذِكر الاعتراضات و الإيرادات كثيراً ،
بل كان يُعرِض عن ذكر هذه الاعتراضات إلا فيما دَعَت إليه الحاجة الماسّة مما لا
يُستغنى عنه في الفهم ، بخلاف التاج السبكي ، فقد كان مُولعاً بذِكر هذه
الاعتراضات و الإيرادات في كثير من المباحث .
6- لم يكثر الجزري من مناقشة البيضاوي أو مخالفته ، بخلاف
التاج السبكي الذي كان ينتقد البيضاوي و
يناقش عباراته و آراءه و قد خالفه في عدد لا بأس به من المسائل .
7- لم يتعرّض الجزري لذِكر فروع فقهية مبنيّة على المسائل
الأصولية كما أنّه لم يكن مهتمّاً بتخريج الأحاديث التي يذكرها أو يستدل بها ،
بخلاف التاج السبكي في كل ذلك .
هذه أهم الفوارق بين شرحي التاج السبكي و
الجزري (( للمنهاج )) ، و هذا لا يعني عدم وجود نقاط اتفاق و توافق بينهما بل هناك
بعض نقاط التوافق بينهما من أهمها :
1-
أنّ
كلاهما شافعي المذهب و كلاهما كان مُهتمّاً بإبراز حقيقة المذهب الشافعي في
المسائل المطروحة .
2-
أنّ
كلاهما كان يهتمّ بتحرير محل النّزاع في المسائل المدروسة ، و لم يكن أي منهما
يُطْلق النِّزاع دون تحديد لمحلِّه .
أحمد إبراهيم حسن الحسنات